ما لا تعرفونه عن القصر الملكي – الحلقة 2 ملك في البورصة: كيف استثمر محمد السادس في المغرب عبر جزر العذراء؟

في عالم المال، التفاصيل التي لا تُقال، غالبًا ما تكون الأهم.
ومن بين تلك التفاصيل التي لا يتحدث عنها أحد في المغرب، أن الملك محمد السادس، عبر شركته الأوفشورية SMCD Limited، كان لسنوات أحد المساهمين في واحدة من أكبر شركات العقار المغربية، Alliances Développement Immobilier، دون أن يُعلن ذلك بشكل رسمي، ودون أن يمرّ عبر القنوات المعتادة للاستثمار في السوق الوطنية. الأدهى؟ أن هذا الاستثمار لم يتم من داخل المغرب، بل من جزر العذراء البريطانية، إحدى أشهر الملاذات الضريبية في العالم، المعروفة بإخفاء هوية المساهمين الحقيقيين. فلماذا يستثمر الملك في بلده من الخارج؟ ولماذا تمر هذه الاستثمارات عبر رجال ظلّ من أمثال منير الماجدي؟ وماذا حدث عندما انهارت بورصة العقارات؟ في هذه الحلقة، نفتح أحد أكثر الملفات حساسية في علاقة المال بالعرش. 🏝️ SMCD Limited: صندوق أسود في جزر بعيدة تم تسجيل شركة SMCD Limited في جزر العذراء البريطانية عام 2005، أي في ذروة اتساع ثروة القصر بعد سنوات من حكم محمد السادس. وكان من يتولى إدارتها، كالعادة، منير الماجدي، الكاتب الخاص للملك، والمتحكم في استثماراته الشخصية والسرية. اسم الشركة ظهر في عدد من التسريبات الدولية: أوراق بنما SwissLeaks OffshoreLeaks
لكن أهم ما ظهر، أن هذه الشركة اشترت سنة 2008 أسهماً داخل شركة Alliances Développement Immobilier التي يملكها العلمي نافع، في إطار "placement privé"، أي شراء مباشر قبل دخول الشركة إلى البورصة، بشروط تفضيلية. 💰 صفقة "VIP": دخول من الباب الخلفي إلى بورصة المغرب في فبراير 2008، وقبل أشهر من إدراج Alliances في بورصة الدار البيضاء، أطلقت الشركة جولة استثمارية مخصصة لكبار المستثمرين فقط. كانت فرصة ذهبية، لأن السعر الممنوح أقل بنسبة 28% من السعر الذي ستُطرح به الأسهم لاحقًا في السوق. من بين المستفيدين من هذا "العرض الحصري": صندوق التقاعد CIMR شركات تأمين كبرى مثل Mamda-MCMA وWafa Assurance صندوق الاستثمار الإماراتي Al Qudrah وأيضًا... SMCD Limited، المملوكة للمخزن. كم دفعت SMCD؟ ما يقارب 100 مليون درهم مغربي، مقابل 182 ألف سهم، أي 1.65% من رأسمال الشركة. لكن رغم هذا الاستثمار الضخم، لم يظهر أي أثر رسمي للملك أو للماجدي كمستثمرين، بل قُدمت SMCD في الوثائق الرسمية على أنها مجرد شركة استثمارية بريطانية دون الإفصاح عن هويتها الفعلية. 📉 انهيار الصفقة… والمستثمر الأكبر ينزف في صمت في السنوات التالية، عرفت سوق العقار المغربي أزمة خانقة، ولم تسلم Alliances من العاصفة. انخفض سهم الشركة من 535 درهم إلى حوالي 75 درهم فقط. النتيجة؟ تحولت حصة SMCD Limited من قيمة تقارب 100 مليون درهم إلى حوالي 13 مليون فقط. أي خسارة تقدّر بـ 80 مليون درهم. لكن هذه الخسارة لم تعلن، ولم تُسجَّل رسميًا ضمن خسائر مالية للديوان الملكي، لأن الشركة الأم تقع في الخارج، ولا توجد رقابة مباشرة عليها من طرف هيئات المال المغربية. ❓ لماذا من الخارج؟ لماذا عبر جزر العذراء؟ هنا تطرح الأسئلة المحرجة: لماذا لا يستثمر الملك داخل بلده باسمٍ صريحٍ وشفاف؟ لماذا يُستخدم وسطاء، وشركات أوفشور، ومناطق ملاذ ضريبي، في حين أن الاستثمار يتم في شركة مغربية مدرجة ببورصة مغربية؟ كيف يقبل النظام المالي المغربي بشركة مجهولة الهوية، مسجلة في جزر معروفة بالتهرب الضريبي، أن تدخل السوق بهذا الحجم من الاستثمار دون فتح تحقيق في من يقف خلفها؟ قد يرد البعض بأن الشركات الكبرى العالمية تستخدم نفس الطرق. وهذا صحيح، ولكن عندما يتعلق الأمر بشخص هو نفسه رأس الدولة، الذي يُفترض أن يُجسّد الشفافية ويُمثل مؤسسات الدولة، فالأمر لا يتعلق بتقنيات محاسبية بل بـ شرعية أخلاقية وسياسية. 🏦 شركة "إيموبيليير أوريون": الوجه الأوروبي للثروة الملكية الاسم الآخر الذي ورد في التسريبات هو Immobilière Orion S.A.، شركة مسجلة في لوكسمبورغ منذ 2003. كانت تدير الأصول العقارية الفاخرة للعائلة الملكية، وعلى رأسها شقة فاخرة في باريس قُدّرت أصولها بـ 18 مليون يورو، بتمويل قدره 36 مليون يورو. من كان في مجلس إدارتها؟ منير الماجدي (الرجل الأول للملك) محسن بن ياغود، من فريق الديوان الملكي Fidupar، الذراع المالي لبنك BNP Paribas في لوكسمبورغ المالكيّة؟ غامضة. الشفافية؟ معدومة. الوثائق الرسمية تشير فقط إلى شركتين غامضتين: Dot Finance SA وFinancière du Bénélux SA، بدون أي هوية لملاكهما. ⚖️ القانون المغربي؟ استثناء ملكي بحسب قانون مكتب الصرف المغربي، يُمنع على المغاربة امتلاك عقارات في الخارج دون ترخيص خاص، لا يُمنح إلا في حالات نادرة جدًا ومرتبطة بالمهنة. فهل حصل الملك على هذا الترخيص؟ هل التزمت هذه الشركات بشروط الرقابة المغربية؟ الأرجح أن الإجابة لا تهم، لأن من يملك السلطة، لا يسأل. 👤 منير الماجدي: موظف أم واجهة؟ الجدل كله يتمحور حول هذا السؤال: هل الماجدي يُدير هذه الشركات لحسابه الخاص، أم لحساب الملك؟ موقع Le360، المقرّب من القصر، أشار ضمنيًا أن هذه الأصول تعود فعليًا للملك، وخاصة أن اليخت "البوغاز" الذي اشترته SMCD Limited هو "ملك للملك". أي أن الشركة، رغم غلافها القانوني الأجنبي، هي جزء من هيكل ثروة القصر. 📉 خسائر صامتة... لا حساب لها رغم أن SMCD Limited خسرت أكثر من 80 مليون درهم في صفقة Alliances، لا نرى أي أثر لهذه الخسارة في ميزانيات الدولة أو تقارير المجلس الأعلى للحسابات أو البلاغات الرسمية. لماذا؟ لأننا ببساطة أمام اقتصاد موازٍ غير خاضع للرقابة، تُستخدم فيه الشركات الوهمية، والأسماء المستعارة، والمناطق الرمادية، لإدارة ثروات ضخمة. 📢 في الخلاصة: الملك محمد السادس لم يكتفِ بتجميع ثروته داخل المغرب من خلال السيطرة على الأبناك والعقار والتأمينات، بل اختار أن يُدير جزءًا من تلك الثروة من الخارج، وبأسماء غامضة، وبوسائل ملتوية، وباستعمال شركات أوفشور لا يمكن تتبعها. هل هذا غير قانوني؟ ربما لا. هل هو غير أخلاقي؟ قطعًا نعم. وهل من حق الشعب أن يعرف كيف تُدار ثروات الحاكم، وعلى حساب من؟ نعم، وأكثر من أي وقت مضى. 🔎 ترقبوا الحلقة القادمة من "ما لا تعرفونه عن القصر الملكي": "صندوق العائلة: من يدير الثروات الخاصة للأمراء؟ وكيف يستثمرون في شركات عمومية دون إعلان؟"

تعليقات