"جبروت" تفضح إمبراطورية الفساد داخل الاستخبارات المغربية

 في تسريب يوصف بأنه الأخطر منذ سنوات، كشفت مجموعة القرصنة الإلكترونية "جبروت" عن وثائق رسمية وشهادات داخلية تفضح ما تصفه بـ"منظومة فساد ممنهج" يقودها محمد راجي، أحد أبرز رجال الظل في جهاز الاستخبارات المغربي، بالشراكة مع رجال أعمال ومسؤولين أمنيين، وبعلم أطراف داخل الجهاز نفسه.



ثروة لا تتناسب مع الراتب


رغم أن الراتب الشهري الرسمي لراجي لا يتجاوز 25 ألف درهم، تكشف التحقيقات التي أجرتها "جبروت" أنه راكم ثروة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، مستثمرًا في شراء عقارات فاخرة داخل المغرب وخارجه، إضافة إلى امتلاك مناطق صناعية بأكملها.
إحدى الوثائق المسربة – عقد بيع رسمي مؤرخ في 12 ديسمبر 2023 – يثبت شراءه مع شريكه رشيد حساني لـ "منطقتين صناعيتين كاملتين" في بني ملال، بمساحة إجمالية تتجاوز 3.48 هكتار، وبقيمة 30 مليون درهم (حوالي 3 ملايين دولار)، وهي صفقة يصعب تبريرها قانونيًا أو ماليًا بالنظر إلى دخله المعلن.



عمولات وواجهات وهمية

توضح البيانات المالية المسربة أن راجي يتلقى عمولات ضخمة من صفقات شراء أنظمة وأجهزة تجسس متطورة من دول أوروبية مثل هنغاريا وقبرص ولوكسمبورغ، عبر شركات مثل U-TX.
هذه العمولات لا تمر عبر حساباته الشخصية، بل تُحوّل إلى حسابات شركات وهمية أنشأها شركاؤه في فرنسا، على رأسهم رشيد حساني. مقابل ذلك، يشرف راجي على إدراج ثغرات تقنية (Backdoors) عمدًا في هذه الأنظمة، مما يسمح بالحصول على نسخ من المعلومات الاستخباراتية التي يجمعها الجهاز المغربي.



بيع الأسرار لدول أجنبية

التسريبات توضح أن هذه الثغرات استُغلت ليس فقط من قبل الجهاز المغربي، بل أيضًا من قبل أجهزة استخبارات أجنبية، خاصة في الشرق الأوسط ودولتين أوروبيتين، وذلك مقابل مبالغ مالية ضخمة.
الأخطر أن طرفًا ثالثًا، لم تُكشف هويته بعد، كان يراقب هذه العمليات، ويستغل نفس الثغرات للوصول المجاني إلى المعلومات، ما يكشف حجم الاختراق الذي أصاب البنية الأمنية المغربية.





تجسس على الملك والحكومة

وفقًا لـ"جبروت"، لم تتوقف عمليات التجسس عند الأهداف الخارجية، بل امتدت إلى الداخل المغربي، حيث جرى التنصت على قادة الجيش وأعضاء الحكومة، بما في ذلك وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت (L159265)، وحتى الملك محمد السادس وأسرته.
كما طالت عمليات المراقبة رئيس الحكومة عزيز أخنوش (B627612) وعائلته، مع جمع مواد شخصية حساسة عن زوجته سلوى (BE529409) لاستخدامها كورقة ضغط سياسية.

جهاز فقد السيطرة

المجموعة تصف جهاز الاستخبارات بأنه "منهار من الداخل"، حيث أصبحت مهمته الأساسية حماية الفاسدين وابتزاز الخصوم بدلًا من حماية الأمن القومي. وتشير إلى وجود خطة سرية يقودها مقربون من راجي للإطاحة بالملك والتحكم في مسار الخلافة.
حتى الأجهزة المشفرة التي يفترض أنها آمنة، مثل "HC9100"، كانت تحتوي على أكواد خبيثة تم إدراجها داخليًا، ما جعل اختراقها أمرًا ممكنًا.

صمت رسمي متوقع

تتوقع "جبروت" أن لا يصدر أي بلاغ رسمي عن فتح تحقيق أو إقالة مسؤولين، لأن "الجميع متورط"، على حد تعبيرها. وتختم بيانها بلهجة تهديدية:

"ما كشفناه اليوم ليس سوى البداية… وما سننشره قريبًا سيغير قواعد اللعبة."

تعليقات