تحقيق حصري | الأميرة حسناء والأميرة أسماء تستثمران في سوق العقار الفرنسي عبر هولندا: صفقة قبيل الجائحة

قبل أشهر قليلة من تفشي جائحة كوفيد-19، كانت التحركات على أشدها في محيط الأميرتين حسناء وأسماء، شقيقتي الملك محمد السادس، حيث ظهرت فرصة ذهبية لتعزيز ثروتهما المالية وتوسيع أنشطتهما الاستثمارية خارج حدود المملكة، وتحديدًا في فرنسا. وحسب تحقيق خاص لصحيفة لوديسك، فقد استبقت الأميرتان عملية بيع شبكة متاجر "ليدر برايس" (Leader Price) الفرنسية لمجموعة "ألدي" (Aldi) الألمانية، وتمكنت من الاستحواذ، عبر هياكل استثمارية متمركزة في هولندا، على عقارات تضم قرابة عشرة متاجر موزعة عبر عدة مناطق في فرنسا، في صفقة بلغت قيمتها الإجمالية نحو 210 مليون درهم مغربي (حوالي 19.6 مليون يورو). استثمار عقاري مُربح بتموقع استراتيجي استثمرت الأميرتان في قطاع العقار التجاري، عبر اقتناء الأراضي التي كانت تضم متاجر "ليدر برايس" المقرّر تفويتها لصالح "ألدي". وكانت الصفقة الفرنسية قد انطلقت رسميًا في سبتمبر 2019، وانتهت في نوفمبر 2020 بعد مفاوضات مع مجموعة "كازينو"، المالكة الأصلية لـ"ليدر برايس"، مقابل 735 مليون يورو، بما فيها 35 مليون يورو كمكافأة أداء. ومع اقتراب إتمام عملية البيع، اقترح المستشاران الماليان المقرّبان من الأميرتين – أنيس اليوسفي (مستشار الأميرة حسناء) وعزيز بن الزبير (مدير أعمال الأميرة أسماء) – خطة استثمارية تقوم على شراء العقارات التي تضم هذه المتاجر، قبل أن تشهد أسعارها ارتفاعًا مع دخول "ألدي" السوق الفرنسية بقوة. واجهة هولندية... وامتداد فرنسي نفذت الصفقة عبر شركتين هولنديتين: Oumaila B.V. (التابعة للأميرة حسناء) وA.A Investments B.V. (التابعة للأميرة أسماء)، وهما الشركتان ذاتهما اللتان سبق لـلوديسك أن كشفت عن نشاطهما في 2022، ضمن تقرير يسلط الضوء على التموقع المالي لأفراد العائلة الملكية في هولندا، مستفيدين من مرونة قوانينها الضريبية والتشريعية. وتملك الشركتان الهولنديتان كيانًا فرعيًا مشتركًا يحمل اسم Marceau Group، سبق أن ارتبط اسمه بمحاولة الدخول في شراكة مع مجموعة الفنادق الإسرائيلية "Selina"، قبل أن يتم التراجع عن الصفقة. وفي فرنسا، أنشأ هذا التكتل الاستثماري كيانًا قانونيًا محليًا على شكل "شركة مدنية عقارية" باسم SCI Soror، تُدار رسميًا من طرف عزيز بن الزبير. وتضطلع هذه الشركة بدور الوسيط العقاري، وهي التي اقتنت فعليًا الممتلكات التجارية التي تحتضن اليوم متاجر "ألدي" ومتاجر أخرى. ورغم ندرة المعلومات الرسمية حول نشاط SCI Soror، إلا أن الصحيفة تؤكد، استنادًا إلى مصادرها، أنها أُسست خصيصًا في نوفمبر 2019 لإتمام عمليات الشراء التي جرت في 18 ديسمبر من السنة نفسها. ما وراء "ألدي": عشرات الآلاف من الأمتار المربعة بلغ مجموع المساحات العقارية المستحوذ عليها حوالي 38,455 مترًا مربعًا، موزعة على عشرات المواقع الاستراتيجية، نذكر منها: سانت-إيغرِف (Saint-Égrève): قطعة أرض بمساحة 3,652 م² تضم سوبرماركت بمساحة 1,367 م²، مقابل قرابة 3 ملايين يورو. مونترون-لي-بان (Montrond-les-Bains): موقع ثان في منطقة أوفيرن-رون-ألب. بانيول-سور-سيز (Bagnols-sur-Cèze): عقار يضم متجرًا سابقًا لـ"ليدر برايس" مقابل 2.79 مليون يورو، إضافة إلى صالة رياضية "Basic Fit" ومطعم "ماكدونالدز". سان-مارتان-دو-فالغالغ (Saint-Martin-de-Valgalgues): متجر "ألدي" على مساحة 2,942 م² مقابل 2.13 مليون يورو. آليس (Alès): حصة في عقار سكني مطل على غابة ومتحف كولومبييه. أفينيون وضواحيها: عدة متاجر تم الاستحواذ عليها بأسعار متفاوتة، أبرزها في منطقة بوفكير (Beaucaire) مقابل 1.5 مليون يورو. سان-جان-دو-فيدا (Saint-Jean-de-Védas) قرب مونبلييه: عقار بقيمة 2.35 مليون يورو. فرانكونفيل (Franconville) شمال باريس: متجر داخل مركز تجاري مقابل 1.15 مليون يورو. هل كانت الصفقة مربحة؟ من حيث التوقيت، تبدو الصفقة ذكية؛ فقد أتت قبل أن تشهد السوق العقارية الفرنسية ارتفاعًا في الأسعار، كما تزامنت مع توجه عام نحو الاستهلاك المنخفض التكلفة بسبب الجائحة. ومع ذلك، تُشير تقارير صحفية فرنسية متخصصة إلى أن أداء متاجر "ألدي" لم يحقق التوقعات، حيث لم تتجاوز حصتها في السوق 3% بدل 8% المستهدفة، رغم ارتفاع التضخم. لكن، ورغم ذلك، يبقى الاستثمار محصنًا نسبيًا، نظرًا إلى إمكانية إعادة توظيف العقارات لأغراض أخرى في حالة فشل نشاط "ألدي"، مثل تحويلها إلى مشاريع سكنية أو صناعية، مما يُبقي تدفق العائدات قائمًا. تجربة مسبقة في المغرب الاستثمار العقاري ليس جديدًا على الأميرتين، فقد سبق لهما خوض تجارب مماثلة داخل المملكة، لاسيما في المنطقة الصناعية "أوكاشا" بالدار البيضاء، حيث لم تتردد الأسرة الملكية في اللجوء إلى القضاء لطرد المستأجرين المتخلفين عن الدفع، حسب ما سبق لـلوديسك أن كشفه.

تعليقات