استحواذ جديد لمجموعة "المدى" على صفقة حافلات مراكش: مشروع نقل عمومي في خدمة المصالح الملكية

بينما تتجه مدينة مراكش نحو تحديث شبكتها للنقل الحضري، كشفت مصادر صحفية عن فوز شركتين بصفقة توريد حافلات جديدة، في إطار مشروع "مراكش موبيليتي" الذي تشرف عليه الشركة المحلية للتنمية. لكن خلف الأرقام والمعطيات التقنية، تبرز مرة أخرى خيوط الهيمنة الاقتصادية التي تمارسها العائلة الملكية عبر ذراعها الاستثماري "المدى". "سوماباص" و"تراكتافريك": فاعلان تحت السيطرة الشركتان الفائزتان بالصفقة هما: سوماباص أند تراكز: المستورد الحصري للعلامة الصينية "Sitrak" في المغرب، فازت بالصفقة المتعلقة بتوريد 49 حافلة من الحجم المتوسط (12 متراً) مقابل 136 مليون درهم. تراكتافريك للمركبات الصناعية: فرع مباشر لصندوق "المدى" المملوك للعائلة الملكية، حصدت صفقتين ضخمتين: توريد 287 حافلة من نفس الحجم (12 متراً) مقابل 790 مليون درهم. توريد 35 حافلة مفصلية من الحجم الكبير (18 متراً) مقابل 145 مليون درهم. بذلك، استحوذت الشركتان على 3 من أصل 5 دفعات مقترحة في المشروع، فيما أُعلنت الدفعتان المتبقيتان (المتعلقتان بـ81 حافلة من حجم 10 أمتار و124 من حجم 15 متراً) غير مثمرتين لأسباب غير معلنة. من مشاريع عمومية إلى ريع ملكي تكشف هذه الصفقات بوضوح كيف تحوّلت مشاريع البنية التحتية العمومية إلى أوعية مالية ضخمة تُعاد توجيهها بشكل ممنهج لفائدة الشركات التابعة للملك أو لمحيطه المالي المباشر. فشركة "تراكتافريك"، المرتبطة بصندوق "المدى"، ليست سوى واجهة من واجهات التغلغل الملكي في الاقتصاد المغربي، وتحديدًا في القطاعات التي تعتمد على المال العمومي مثل النقل، الطاقة، والبنية التحتية. إن إطلاق مشروع النقل الحضري في مراكش لم يتم بتمويل خاص أو استثمار مباشر من الشركات الفائزة، بل من خلال ميزانية جماعية ومخصصات عمومية، ما يعني أن أموال دافعي الضرائب تُضخ في جيوب المؤسسات الملكية، في غياب تام للمنافسة الحرة والشفافة. تغوّل بنيوي تحت غطاء "الحداثة" رغم الشعارات المعلنة حول التحديث والتنمية المستدامة، فإن الواقع الميداني يؤكد أن هذه المشاريع تُصاغ لتخدم بالدرجة الأولى منظومة الريع الملكي. إذ لا يمكن إغفال أن حضور "المدى" في معظم القطاعات الحيوية، من الاتصالات إلى الأبناك، ومن المحروقات إلى النقل، أصبح يطرح إشكالية احتكار الدولة من الداخل، وتحويل الاقتصاد الوطني إلى ملحق تجاري لقصر الحكم.

تعليقات