حين يُقبض علي أعراس لأول مرة، لم يكن يعرف أن حياته ستتحول إلى كابوس لا ينتهي. الاعتقال في ديسمبر 2010 بعد تسليمه من السلطات الإسبانية لم يكن مجرد توقيف قانوني، بل كان بداية فصل طويل من الألم والوحشية. لقد أصبح فجأة في قبضة نظام لا يرحم، حيث كل شيء من حوله مصمم لإذلاله وكسر إرادته.
في الزنزانة المظلمة، لم يكن هناك سوى صمت قاتل. لا ضوء، لا صوت مألوف، لا أي اتصال بالعائلة أو المحامي. كل يوم كان كعالم منفصل، حيث الوقت يتباطأ والأمل يتضاءل. العزلة لم تكن مجرد وسيلة لإرهاقه، بل كانت طريقة لتفكيك شخصيته، لتجريده من أي شعور بالأمان.
الضرب كان أولى أدوات التعذيب. ضربات متكررة على الرأس والظهر والأطراف، أحيانًا بالعصي وأحيانًا باليدين، تترك الجسم منهكًا والألم يشتعل في كل جزء منه. لم يكن مجرد ألم جسدي، بل رسالة واضحة: “هذه حياتك الآن، أنت تحت قبضتنا بالكامل”.
الأقسى كان ما حدث لجسده بشكل مباشر ومروع: حرق الجهاز التناسلي، إدخال قنينات في الدبر، إدخال أقلام في القضيب. هذه الأعمال لم تكن مجرد ألم جسدي، بل كانت محاولة محكمة لتحطيم كرامته الإنسانية. كل لحظة ألم كانت تختبر إرادته، وكل صرخة محبوسة داخل نفسه كانت تذكره بأنه أصبح تحت رحمة من لا يملكون قلبًا.
كان التعذيب النفسي المستمر لا يقل عن الجسدي قسوة. تهديدات دائمة بالقتل أو الاعتداء الجنسي، محاكمات صورية تجبره على الاعتراف بأشياء لم يرتكبها، ونظرات حراس تهدف لإيصال رسالة واحدة: “كل شيء بيدنا، وأنت بلا أي حق”. كل هذا كان يُبقيه في حالة ترقب دائم، حيث لا يوجد مكان للأمان، ولا وقت للراحة.
اليوم، بعد سنوات من تلك التجربة، ما زال علي أعراس يحمل آثارها في جسده وعقله وروحه. اضطرابات القلق، الكوابيس المستمرة، والخوف المزمن، كلها جزء من حياته اليومية. ومع ذلك، يصر على الحديث عن تجربته، لنقل الحقيقة لكل من يعتقد أن التعذيب هو مجرد مسألة جسدية، بل هو تهديد للإنسانية بأكملها.
شهادة علي أعراس هي أكثر من مجرد سرد للفظائع، إنها دعوة للشعور والإنسانية، لتذكر أن وراء كل رقم في سجلات الاعتقال هناك إنسان يُعذب، يُحطم، ويُجرد من كرامته. هي تذكير بأن الوحشية ليست مجرد أفعال، بل هي محاولة لتدمير الروح، وأن التعاطف والتحرك لحماية حقوق الإنسان هما الواجب الذي لا يمكن تجاوزه.
تعليقات
إرسال تعليق